أكد الباحث الليبي في القانون الدولي العام وعضو الهيئة القضائية، معز الصادق الورشفاني، أن ليبيا تملك حقًا قانونيًا واضحًا في المشاركة في التحقيق الدولي بشأن حادث تحطم طائرة فالكون قرب العاصمة التركية أنقرة، والذي أودى بحياة عدد من الضباط الليبيين، مشددًا على أن التحقيق في مثل هذه الحوادث يخضع لإطار قانوني دولي صارم تقوده دولة موقع الحادث مع ضمان مشاركة الدول ذات الصلة.
وأوضح الورشفاني، في دراسة قانونية تحليلية حول الإطار القانوني الدولي للتحقيق في حوادث سقوط الطائرات، أن اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لعام 1944 وملحقها رقم (13) يشكلان الأساس القانوني المنظم لهذه التحقيقات، حيث تُسند قيادة التحقيق الفني إلى الدولة التي وقع الحادث على إقليمها، مع منح الدول المعنية الأخرى، ومنها دولة تشغيل الطائرة أو الدول التي ينتمي إليها الضحايا، حق المشاركة الفنية عبر ممثلين معتمدين وخبراء.
وبيّن أن التحقيق في حوادث الطيران يُعد تحقيقًا فنيًا وقائيًا لا جنائيًا، ويهدف بالأساس إلى تحديد الأسباب الفنية والظروف التشغيلية للحادث واستخلاص الدروس لمنع تكراره، دون إسناد المسؤولية القانونية أو الجنائية، وهو ما يُعد ضمانة لنزاهة التحقيق وتشجيع التعاون الدولي الكامل.
وأضاف أن هذا الفصل بين التحقيق الفني والمسارات القضائية لا يمنع لاحقًا فتح تحقيقات جنائية وطنية أو المطالبة بالتعويض وفق اتفاقية مونتريال لعام 1999.
وأشار الورشفاني إلى أن مشاركة ليبيا في التحقيق، وفق القواعد الدولية، لا تمثل تدخلًا في سيادة الدولة المحققة، بل تأتي في إطار تعاون دولي ملزم يهدف إلى كشف الحقيقة الفنية وصون منظومة السلامة الجوية العالمية، مؤكدًا أن الالتزام بالمعايير الدولية والابتعاد عن التسييس أو الاستنتاجات المتسرعة يخدم حق الضحايا وذويهم في معرفة الحقيقة، ويحمي مصالح الدول المعنية.
وختم الباحث دراسته بالتأكيد على أن احترام الإطار القانوني الدولي في مثل هذه الحوادث الحساسة يعكس نضج الدولة والتزامها بسيادة القانون، داعيًا إلى التعامل مع حادث الطائرة من منظور قانوني وفني بحت، مع الترحم على الضباط الليبيين الذين قضوا في الحادث، واعتبارهم شهداء للوطن.
