تشهد محافظة حضرموت، شمال شرقي اليمن، تصعيداً عسكرياً متسارعاً، في ظل معارك عنيفة اندلعت، اليوم الثلاثاء، بين مسلحين من حلف قبائل حضرموت وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بالتزامن مع تحركات عسكرية واسعة وتحليق مكثف للطيران الحربي السعودي فوق مدينة المكلا، عاصمة المحافظة.
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر بأن الطيران الحربي السعودي يواصل التحليق المكثف على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة فوق مدينة المكلا ومحيطها، بالتزامن مع انتشار المدرعات الإماراتية التي نجت من الغارات السعودية، وبالتوازي مع دوي صفارات الإنذار داخل مطار الريان الدولي، الذي تسيطر عليه قوات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ أعوام.
في المقابل، كشفت مصادر أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تعتزم التقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات، على خلفية ما تصفه بـ”التدخلات العسكرية غير القانونية” ودعم تشكيلات مسلحة خارج إطار مؤسسات الدولة، مؤكدة أن الشكوى ستُعلَن رسمياً عبر القنوات الحكومية خلال الساعات أو الأيام المقبلة.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، قد أعلن، في وقت سابق اليوم الثلاثاء، حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، وفرض حظر جوي وبحري وبري مؤقت على الموانئ والمنافذ، بالتوازي مع قرار رئاسي بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في ظل تصاعد التوترات الأمنية والعسكرية في المحافظات الشرقية، ولا سيما حضرموت.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن قرار الطوارئ يبدأ سريانه اعتباراً من الثلاثاء 30 ديسمبر 2025، ويشمل فرض حظر على جميع الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء ما يصدر بتصريح من قيادة تحالف دعم الشرعية.
وبحسب القرار، وجّه العليمي جميع القوات والتشكيلات العسكرية في محافظتي حضرموت والمهرة بالعودة إلى مواقعها ومعسكراتها “من دون اشتباك”، وتسليم المواقع لقوات “درع الوطن”، مع تأكيد التنسيق مع قيادة التحالف بقيادة السعودية، ومنح محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات لتسيير شؤون المحافظتين والتعاون مع القوات المكلفة تسلّم المعسكرات.
وفي قرار منفصل، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ووجّه بخروج القوات الإماراتية من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، مع تكليف قوات “درع الوطن” تسلّم المعسكرات في حضرموت والمهرة. وتكتسب حضرموت أهمية استراتيجية بالغة، نظراً لمساحتها الشاسعة، وموقعها الجغرافي المطل على بحر العرب، واحتضانها ثروات نفطية وغازية مهمة، إضافة إلى كونها ساحة تنافس إقليمي بين أطراف محلية مدعومة من قوى إقليمية، في ظل ضعف مؤسسات الدولة وانقسام القرار العسكري والأمني.
ويرى مراقبون أن تزامن الاشتباكات القبلية مع التحركات العسكرية لقوات “درع الوطن” والتحليق السعودي يعكس مرحلة جديدة من الصراع في شرق اليمن، قد تتجاوز صيغ الاحتواء السابقة، خصوصاً في حال فشل الجهود السياسية في ضبط التوتر بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وبين القوى المحلية ذات الامتدادات القبلية.
