“أطمئنكم بأني مازلت على قيد حبكم.. وأني مازلت على العهد بأن لن يهزمني المرض.. وسأنتصر عليه بإذن الله تعالى.. وسأعود لهذه الحياة التي ستكون صاخبة ورائعة بوجودكم وحضوركم.. “
كان السلام الأخير لفقيد العلم والأدب الدكتور ناجي الحربي لمحبيه قبل أن يرحل عن هذا العالم. فلأخر أنفاسه ضل متمسكا بالحياة باعثا برسائل الحب والأمل من على فراش الموت، ليرحل عنا أمس السبت بعد صراع مع المرض.
الدبيبة ينعي “ناجي الحربي”
نعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، الكاتب والأكاديمي الليبي الدكتور ناجي الحربي، الذي توفي بعد صراع مع المرض.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة في بيان: “فقدت ليبيا برحيل الدكتور الحربي قامة أدبية وثقافية بارزة، ساهمت في إثراء المشهد الثقافي والأكاديمي الليبي، خالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد وجميع طلابه ومحبيه، ونسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته”.
ناجي الحربي..مسيرة حافلة
لطالما كان فقيد الأدب الدكتور ناجي الحربي يدرك كيف يجذب انتباه القارئ له بطريقته الآسرة في السرد التي تجمع ما بين السخرية المريرة والمعلومة بلغة سلاسة.
تميز الحربي بقدرته الفائقة على التقاط الحكايات وصياغتها بأسلوب مشوق، حيث كان يستلهم الكثير من قصص قريته “أم الدالية”، محولًا إياها إلى نصوص ممتعة ومليئة بالخيال. كما كان مدافعًا عن التراث الثقافي الليبي، حيث أفسح لإصداراته مكانًا لحماية الأغنية الليبية من الضياع والتشويه، إيمانًا منه بأهمية توثيق هذا الإرث وحفظ حقوق مبدعيه. كتب الحربي عشرات المقالات وترأس موقع السلفيوم وأداره بامتياز وترك بصمته فيه، ويقول في حوار أجراه مع صحيفة الصباح عن اختياره لهذا النوع من الكتابة “المقالة تعني الناحية التي تمس الكاتب عن قرب.. فهي حالة ولادة لا موعد لها” وأضاف: المقالة عندي : معلومة .. وجاذبية.. وتشويق.. ووضوح.. ولغة سليمة.. تستهويني المقالة الساخرة .. وقريتي اشتهرت بالكوميديا السوداء وربما لها تأثيرها في حبي للمقالة الساخرة”
وصدر للحربي عدة كتب أبرزها: “مطلوق سراحك يا اطوير”،”الليبيون في ظل الوجود الفينيقي والإغريقي”،بالإضافة إلى كتاب قيد الإعداد بعنوان “كيف الحال”.
معلم ملهم
كما نعت نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة عمر المختار الدكتور الحربي قائلة:” رحلت عنا قامةً أدبيةً وثقافيةً بارزةً، ومُعلّمًا مُلهمًا ترك بصمةً واضحةً في مسيرة الجامعة وطلابه. “
وأضافت “كان الدكتور الحربي مثالًا للأستاذ الجامعي المُخلص، الذي يُحبّ طلابه ويسعى دائمًا لنقل علمه ومعرفته إليهم بأفضل الطرق. كما عُرف بدماثة خلقه وحسن تعامله مع زملائه وجميع مُنتسبي الجامعة.”
محبي الحربي يودعونه بكلمات مؤثرة
لم تتوقف أقلام محبي وطلاب الفقيد ناجي الحربي ،في سرد مسيرته الطيبة واستحضار ذكريات جمعتهم به ، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا الى رسائل نعي أظهرت الجانب الإنساني للحربي ومواقفه النبيلة التي لطالما عرف بها مع كل من يقابله.
وكتب أنيس فوزي:”من حسن حظي أن هذا الرجل هو من سكان مدينة البيضاء فلا يمكن تصورها من دونه، ولكن الحقيقة أن دعمه تخطى حدود المدينة ولم يبخل به على أحد، ناجي الحربي هو شخصية مختلفة عن محيطها تحظى بالإعجاب والاحترام بأناقته ولباقته وابتسامته المميزة، شخصية جذابة وطريقته في الحياة ملهمة، لا أعرف في جيلنا من لم يدعمه ناجي الحربي أو لم يشدد من أزره ويشجعه بل إن له دورا كبيرا في دعم العديد من الكتّاب والفنانين الشباب، ومساهم في انتشار أعمال ذات جماهيرية واسعة، والأدوار التي يلعبها -مستخدما حب وتقدير الناس له- في تغيير حياة المبدعين وتسهيل الطريق لظهور أعمالهم وفتح الآفاق لهم واستخدام علاقاته بلا حدود في مساعدة من يرى فيهم الموهبة والشغف والطموح.”وأضاف “تعجز الكلمات أن توفيه حقه فهو الأستاذ النبيل الذي منحنا من وقته وجهده الكثير من العطايا بلا مقابل”
فيما كتب الكاتب باسم الشعبي” لازلت حتى الان غير مصدق، ان انسان وهب نفسه للناس، في افضل الظروف، واحلكها، دون ان ينتظر مقابل، او كلمة شكر، يرحل كهذا فجأة ..انها صدمة حقيقية اصابتني، واصابت كل من عرف الأستاذ صالح ناجي حربي عن قرب، جعلتنا غير مصدقين نبأ رحيله، عن الدنيا الفانية، حتى ونحن نقبل جبينه المنير ،وهو مسجى في ثوب الجنة الأبيض، وحتى ونحن نواريه الثراء، كنت ما زلت أعيش صدمة رحيله بين مصدق، ومكذب..هكذا عندما يرحل الطيبون، العظماء، دون استئذان، وهم في اوج عطائهم، يصاب محبيهم بالصدمة، التي يصعب تجاوزها بسهولة ..صالح حربي الانسان، والقائد العسكري الفذ، والبرلماني الشجاع الذي لا يساوم، ورجل الخير، والتعاون، الذي ملى حياة من عرفهم وعرفوه حبا، وقيما، ونبلا، السياسي الفيلسوف، الذي اصبغ على السياسة اخلاقا، وقيما، في زمن يندر فيه هذا الصنف من الرجال “
برحيل الدكتور ناجي الحربي، تفقد الساحة الأدبية الليبية كاتبًا متميزًا ترك إرثًا غنيًا وحضورًا أدبيًا خالدًا.