الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-01-15

10:01 مساءً

أهم اللأخبار

2025-01-15 10:01 مساءً

زغاريد

زغاريد

هدى القرقني

الطقس بارد جداً، لم أعتد ذلك في هذا المكان الذي أنا فيه، رغم ذلك قررت الخروج باكراً لأستمتع بهذا الهواء البارد، واسترجع ذكريات مضت، رغم شعوري بالقشعريرة وتسرب البرودة إلى قدمي، إلا أني واصلت المسير حتى وصلت إلى حديقة عامة، تبدوا مهجورة، ترك المطر بها آثاره على المقاعد الخشبية القديمة وبعض البرك هنا وهناك، اختلط فيها العشب مع الطين.

مسحت الكرسي بمنديل ورق كان في جيب معطفي، معطفي الذي لم أخرجه من الخزانة منذ أعوام، فالشتاء هنا لا يأتي دائماً، والمطر كحبيب غاب طويلاً، نستقبله بشوق، نمشي في الطرقات الغارقة به ولا نرفع المظلات في وجهه، لا أحد في الجوار !!

تبدوا الحديقة فارغة إلا من وشوشة أوراق الشجر، ربما عن البرد الذي ضل طريقه إلى هنا، لقد قرأت النشرة الجوية، يقولون أن هناك منخفضًا جويًا باردًا سيمر على البلاد، وربما سينزل الثلج!!

سبحان الله، ها أنا أرى على شاشة هاتفي أن الحرارة قد وصلت خمس درجات مئوية، فلا عجب أن لا أرى أحداً جالساً هنا، إلا من يستشعر هذه الاجواء الباردة ويستمتع بحميميتها، سمعتُ صوت خشخشة وصوت نقيق لم أسمعه منذ زمن بعيد، يا الله إنه ضفدع!! رمادي اللون يميل إلى الأخضر، كالذي في ذاكرتي لم يكن صغير الحجم ولا كبيراً، قفز فجأة في البركة الضحلة التي جلست قبالتها.

شعرت ببعض الحماسة، وأنا أتذكر كيف كنا نراقبها ونحن صغارًا في البرك الكبيرة والكثيرة في شارعنا القديم، بعد ليلة ممطرة، كنا نسمع زغاريدها، ونتمنى أن نحدث صوتاً مثلها ونتسابق في ذلك مع كل بنات الجيران، حتى إننا حاولنا أن نصطادها ونلعق لسانها ونزغرد مثلها، هذا ما سمعته من جدتي ذات ليلة شتوية دافئة وخراريف عن (الجرانة)، هذا هو اسمها الذي نعرفه، قالت لي أيضاً أن (الجران) دائماً يزغرد ربما لا يعرف معنى ذلك حتى إنه يفعل ذلك حتى وهو في خطر، وقالت لي مثل شعبي يقولونه (فلان كيف الجرانة.. جارفها السيل وتزغرد)، وقتها مازلت لم أقرأ قصة الأمير المسحور الذي حولته الساحرة إلى ضفدع وعاد بقبلة حب، ترى هل هذا الضفدع الذي أراه يقفز أمامي أميراً مسحوراً؟ هل سأقبله لأفك سحره؟ أم أتركه ضفدعاً يقفز ويلهو ببركة ماء؟ لا يدري عن شيء خيراً من أن يكون أميراً بلا تاج ولا مملكة!!

شعرت به ينظر إلي، وإلى أصابعي التي تورمت، وتغير لونها من البرد وربما يتساءل، ما الذي أخرجني من بيتي الدافئ في هذا الوقت من الصباح، وجلست أتجسس عليه وعلى طقوسه، وحنجرته المنتفخة؟ شعرت برغبة بأخذه بين يدي ولعق لسانه حتى ازغرد مثله، وأثبت صدق تلك الخرافة، وإن أخذني السيل.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة