الناير اليعقوبي
” ساندر بيتشاي “، ابن عائلة متوسطة الدخل من مدينة تشيناي الهندية الساحرة التي غادرها إلى أمريكا بحثا عن آفاق تقنية تروي عطشه العلمي، ويدخل معززا بمهاراته القيادية الاستثنائية شركة ” جوجل ” من أوسع أبوابها، ويتقلد في عام 2019 م منصب المدير التنفيذي للشركتين الابنة والأم” ألفابيت ” القابضة مقابل راتب ومُكافأت تجاوزت قيمتها 220 مليون دولار سنويا.
” بيتشاي ” ليس لديه شقيق ولا قريب من الدرجة الأولى ولا العاشرة في ” جوجل” يفرشُ له البساط الأحمر نحو كرسي المدير لشركة تفوق قيمتها السوقية 2.2 تريليون دولار، بل من قدّمه وقلّده هى مهاراته في التفكير النظري والعملي في آن واحد.
” جوجل ” في عهد الهندي الأصل لم تتكبد خسارة سنتا واحدا بل حققت زيادة في الإيرادات فاقت التوقعات على مدى سنوات، كان آخرها في الربع الأول من العام الحالي حيث بلغت 80 مليار دولار.
ظاهرة عملاق التقنية المُتواضع – كما يُعرف عنه – توقظ فينا أوجاع الأقزام المُتعالين ممن يتقلدون المناصب بغير وجه حق لتضعنا أمام حقيقة واقعة كانت ومازالت احدى أسباب تردي منظومة الإدارة التي تحول دون إقامة دولة تلتزم قطاعاتها بتعزيز معايير النزاهة والشفافية.
حقيقة أن لا وجود لضوابط شغل الوظائف القيادية والإشرافية في بلادنا، وإن وجدت في لوائح وتشريعات، كان لها تداعيات على كفاءة وفعالية المهام والاختصاصات في الإدارات العامة بمختلف مستوياتها من محلة في مدينة إلى أعلى المراتب، الأمر الذي أوصلنا – مع ظواهر وبواطن أخرى – إلى تدني في الإنتاجية غالبا وتلاشيها أحيانا.
ويزداد واقع الحال سوءاً باقتران فقدان الشهادة الأهلية للمنصب مع فظاعة في الفساد مما يترتب عليه تقويض ثقة المواطن في الدوائر الحكومية، واستنزاف كبير لموارد البلاد، يودي مستقبلا – إذا بقي الحال كما هو عليه – إلى صورة أكثر قتامة.
أرقام ” بيتشاي ” ليست بعيدة المنال على أساتذة وطنيين لديهم من الكفاءة والخبرة في مختلف المجالات ما يؤهلهم إلى صناعة الذهب من الحجر متى ما أُحيطوا بالاهتمام اللازم والبيئة المُحفزة، وقدموا في الصفوف الأمامية بدلًا من أولئك الذين عرقلوا بعنجهيتهم عجلة إنعاش الاقتصاد الوطني.