صالح قادربوه
نعم … أنا رجل أدب .. لست أكثر من ذلك، ولست خارجه .. شاقتني الحياة كلها ، أشياؤها الصغيرة ، وأوهامها الواسعة ، فجريت دون أن أقف لالتقاط أنفاسي ، وكنت متعدد الخيبات .
دخلت محاريب وأقبية ، ومرحت فوق أراض خصبة ، وأراض بور ، وتكتمت على اللذائذ والآلام ، فبدوت صموتا ، ولم يبد عليّ الندم .
نمت طويلا ، وحلمت في الغفوة بعوالم مدهشة ومرعبة ، وكان نومي لذيذا وهانئا .
عثرت على صورة الشعر في قطع رؤوس النمال ، فنزعت مني الحكمة وأُعطِيتُ الكتابة .
أفرطت في النحت ، ثم بهرني الظاهر فتحايلت على المخفيّ ، ثم اكتشفت أنه الشكل فقط ذلك الذي يبقى .
اقترعت مع الحياة ، فربحت هي المال والمجد والهناءة ، ولم أربح إلا ثوب الظن ، فلم يقني صقيع التجارب ، ولا حياد الأسماء .
امتثلت للعبارة مقلوبة : ” لا تحكموا عليّ بأعمالي ، ولا تحكموا عليّ من وجهة نظر الإنسان ” ، فاستقبل مركبي الصغير ماء التاريخ ، و هممت بالرسوّ .
لم أكن إلا تلميذا ، ولم يكن لي أساتذة حقا ، وكنت آتي متأخرا ، ففاتني موسم النجاح ، لكنني ربحت المروق وشق العصا ، وربحت ما يعقب المواسم .
أنا رجل أدب …
لم أفهم التماثل في التكرار ، فنفرت بعيدا عن غبطة تشبه المزلاج ، لكنني لم أنكر سلطة المغلق .
تواثبت كقلوب في يوم كرنفال ، واعتديت على ثقة الآخرين فيما يصنعون ، فما ضرهم ، ولا ضرني .
اقتربت كثيرا من التزييف ، تحالفنا ثم تصارعنا ، فصرعني ، ولم يبصق عليّ سر الخلطة .
كنت سفسطائيا ، لذلك كانت موسيقاي تشبه التفاح الصغير ، وكان سكّري سكّرا تماما .
لم أحب هؤلاء : الحكماء واللصوص .. وأحببت هؤلاء : البسطاء والمنبوذين .. ولم يستقر شعوري تجاه هؤلاء : أهل المغامرة .