الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-19

2:06 مساءً

أهم الأخبار

أهم اللأخبار

2025-03-19 2:06 مساءً

ميلاد الحكايا وبهجة أيام العمر المضى

02

شهر رمضان وأناي

عفاف عبدالمحسن

        حينما كنا صغارا كان رمضان شهوة الأشهر ومتعة الأيام كل شيء اختلف باختلاف الزمان وتتابع الأيام .. لم نكد نكبر برهة إلا وشعرنا بأنه ليس تجمعا للعوائل وسهرات بعد التراويح .. إذ تشعل جذوة الروح لحظات مشاهدة النساء في البيوت يتسابقن لإنهاء (حوسة ومواعين الفطور) والجارة من (المنور) المطل على شباك أو باب جارتها تناديها ( كملتي هيا سقدي وقت ع العشا والتراويح ) كأنهن تتجهزن لحف شغفن طيلة العام ليكن فيه في الصفوف الأولى حين تتجهز المساجد لاستقبال النساء في الأدوار العلوية وأخرى تضع فاصلا بطول المسجد في الخلف كمصلى للنساء .. يرتدين الجارات جلابيبهن وأخريات جرودهن البيضاء الناصعة أو الطوبية اللون .. (المْغَزَولة).. فتحت عيني في (حي اسكابلي) ثم عشت صبايا وشبابي وكهولتي بين ( سيدي حسين والبركة ) ولم تختلف في عيني ماتجذر في وجداني من صور لعادات الناس من حولي وترسخت الأحداث ومايسبقها في الشهر الفضيل من استعدادات في مدينتي ومنطقتي وزنقتي وبيتي .. لم أتمكن أن أعبر عنها في صغري إلا بالفرح وكل من يذهب للتسوق أكون أول الذاهبين أستمتع وأضحك بمن يزينون الجوامع بالأضواء والفوانيس الكبيرة والزوايا الصوفية بالأعلام أما شارعها فتتصل ( عقود الضي والأعلام وفي منتصفها الفوانيس الكبيرة ) على هيئة مثلثات يعقد كل جزء في شرفة ويسعدني أن شرفتنا الكبيرة المطلة على جامع بوغولة في البركة تتميز بأحدها ومدخل البناية كما كنا في حي اسكابلي ( زنقتنا ) كلنا أهل الشباب يزينون الأماكن بما نرسمه في أوراقنا من مثلثات ملونة كألوان القناديل ونعقدها بخطوط ملونة كانت قناديلنا ورقية ملونة داخلها شمعة تعلمنا التكنيك فأصبحنا نصنعها بأنفسنا مع أخي محمود وأختي رضا أحيانا نلون الأوراق بألوان مائية وأخرى بألوان الشمعة وحينما يعلم صاحب المكتبة أننا نريد الخيوط لتعليق  زينة رمضان يمنحها لنا دون مقابل مادي بل ويشاركنا عمي علي في دكانه العامر بكل الصنوف الغذائية والحلويات وشقاشق رمضان والأدوات المكتبية فيدبس لنا القناديل كي لا تتطاير أوراقها ويمنحنا الشريط اللاصق حين كبرت وبدأت أقرض الشعر كتبت قصيدة عن عمي علي رحمه الله

.. في بيتنا كن أخواتي الكبار يجهزن البيت كعروس تتهيأ لاستقبال عريسها .. ترتدي الغرف حلة مختلفة تتغير هيأة غرفة الجلوس لتستقبل أكبر عدد من ضيوف رمضان و( مربوعة الرجالة الخارجية ) حتى قبل أن نسكن بيتا واسعا بحديقة خارجية ( الجنان ) كانت ( مربوعتنا ) كما عادات البيوت الليبية مستقلة لاستقبال زملاء الوالد في العمل وأصدقاء أخي الأكبر عبدالله أو شباب العائلة في عزايم رمضان على الإفطار فأمي رحمها الله كانت طاهية ماهرة تتشكل السفرة الرمضانية على الإفطار ومابعده ..بأطايب ماتزال مذاقاتها في فمي بحنين الذكرى الذي تحييه الروائح أو تكرار المواقف والكلمات ..

وكنت في مفوضية مرشدات بنغازي في حلقة الزهرات فكن في رمضان نخرج مسيرا راجلا مع قادتنا ومرشداتنا وتحتفل الكشافه كل عام احتفالا رائعا بهذا الشهر الفضيل ولم أتمكن من الاستمرار طويلا فيها بسبب بعد مسافة البيت بعد انتقالنا من حي اسكابلي تركت هذه غصة ولكنها سرعان ما اختفت رويدا حينما مارست مناشطي عبر المدرسة ..

صمت رمضان وأنا صغيرة تقليدا للكبار في بيتنا وكن مدرساتي طبعا في مدرسة الكرامة النموذجية يعلمننا أصول الدين بشكل جميل حتى أنني قلت لمعلمتي فتحية ذات صباح وكانت تتحدث لنا عن الصيام ثم أيام الحج وكيف يغفر الله لنا ونعود كالقماش الأبيض طهارة من الذنوب أعلنت أريد حينما أذهب للحج حينما أكبر لا أعود أموت هناك وأدفن هناك كي لا أضطر للعودة للذنوب بأي شكل نميمة نظرة قاسية كلمة لا يحبها الله مني هكذا كان تفكيري الطفولي ولم أزل على هذا الحلم الوعد لله رب العالمين .. وتلك الملائكية معلمتي فتحية رحمها الله ربتت على كتفي قائلة : بعد عمر طويل حبيبتي فوفه .

وأعود إلى صيامي صغيرة كنت قصيرة ممتلئة آكل كثيرا ولكنني صمت بعد أكلة معتبرة قبيل الفجر ونمت ثم نهضت صائمة إلى أن دق جرس الإنذار .. جريت إلى أمي أخبرها فأعطتني فتوتها التي أضحكت أخي عبد الله وأخواتي الأكبر ..

_ خلاص اعتبري إن الأذان أذن وافطري واشربي حليبك واميه وبعدين صيمي إخرى للمغرب .. عشان تفطري معانا .

كانت أمي لشدة خوفها علينا جميعا تقول لأخواتي البالغات ويذهبن للمدرسة ولديهن امتحانات (( افطرن إذا ما قدرتن تقرن يابنات وعيدن صيامكن بعد رمضان ولا في الإجازة )) ولكنهن يغالبن الصعب في الأمر ويعدن من الامتحانات إلى النوم ومن ثم إلى مساعدتها في المطبخ الرمضاني العامر .. وأجمل ما يحدث لنا مع الجيران وحتى الأهل في شوارع تفصلنا عنهم مسافات ليست بالبعيدة هي تبادل الأطباق .. أمي ترسلني بطبق ( لعيت فنوش أو لعيت المنصوري ) ولا أعود بيديّ فارغتين أحيانا (عمتي ناجية_ زوجة عمي فضيل ) تراني من الشباك وهي تنهر ابناءها عودوا للبيت هيا للوضوء المغرب يأذن ..فتناديني :

تعالي خوذي صونيتكم جاهزه ومش محصلة حد من العيال يجيبها لزينب ..

كنت أحب ما تطهيه عمتي ناجية آتيها على عجل تسبق خطواتي كلمة ( به اعميمة ) وإذا كان مافي يدي ثقيل أستأذنها أعود لأمي بما في يدي ثم آتيها ولا تنتهي الحلقة إذ أصل أجد أمي قد جهزت طبقا ممتلئا لعيت عمي فضيل .. أما جارات بنايتنا أترك تبادل أطباق سفرة رمضان سواء حلويات أو محاشي ومعجنات لأخواتي الكبار .

روحانيات رمضان لا تنتهي في العمل نجهز برامجنا الرمضانية اكتب من إعدادي برامج وأقف في الاستوديو مع ممثلين ومذيعين كبار وصغار نقدم برامجنا ونمثل مانتمكن من إنجازه باكرا خير وبركة وما يستمر تسجيلنا له ونحن في الصيام مرحى إذ كنت وأخي عبد الله عبدالمحسن رحمه الله نخرج من بوابة الإذاعة قبل أن يؤذن المغرب بخمس دقائق وسباق الشربة كما يقولولن في الشوارع وفي لحظة تفرغ الطرقات إلا منّا ومن المصلين وبعض الرحماء المتوزعين في الطرقات ليفطروا الصائمين أمثالنا وللعائلات التي تأخرت في الوصول لتفطر عند بيت الجد أو العم أو الخال .. بتميرات وحليب وماء بركة ورزقا منحها الله وأجرا يبتغونه في أيام العمل الصالح فيها مضاعف ..

وفي بيتنا ليل نهار فجرا وساعة أذان المغرب وما بعده حتى بعد التراويح نحن في درس ديني يومي لأننا حين نرتدي ملابسنا لنذهب هنا أو هناك في صلة رحم تقول أمي الله موصينا بصلة الرحم علينا التزاور بمحبة ونحمل معنا ببعض ما أنعم الله به علينا .. قبل ذلك تنتهي حصة الطبخ ويغلق باب المطبخ لتبدأ أمي بقراءة القرآن أنام قربها وحتى أختي الصغيرة سحر شق روحي أو نجلس للمذاكرة حينما يأتي رمضان بخيراته أيام الشتاء والمدارس في أوج تقديم الامتحانات أحيانا .. ولكنها كانت تمر بسلام وأمان دون تذمر .. أتذكر أنني صادفت شهر رمضان مع أيام دراستي الجامعية كانت المحاضرات من الساعة الثانية بعد الظهر حتى الرابعة مساء أدخل بعدها المكتبة المركزية وأذاكر دروسي حتى يتسنى لي بعد الإفطار الزيارات والسهر على التلفاز وحضور المسلسلات الجميلة وإن كنا في زماننا ليست لدينا هذه البدائل الكثيرة اليوم التي تأخذ الناس من روحانيات رمضان لمشاهدة المسلسلات بإعلاناتها المطولة .. ونتسابق بفخر في أي سور القرآن وصلت أنت أو أنا على وشك الانتهاء والختمة الأولى لأبدأ من جديد كما كانت أمي تفعل فهي تقرأ المصحف كاملا مرة لها وأخرى لوالديها رحمهما الله .. وأبي الجميل بصوته الفخم الرخيم خاصة بعد أن كبرنا في البركة نفتخر حينما يؤذن المغرب أو الفجر بصوته الرخيم وفي مجالس الجارات يقلن بمحبة كم نتمتع بالاستماع للأذان بصوت ..

(عمي محسن أو الحاج محسن) وبعد عودته يقرأ القرآن بصوت مرتفع نوعا لنتابع معه نحن بعد صلاة الفجر في غرفنا ومن محاسن الذكريات أن جارتنا يفصل بيننا وبينها سور تحب سماع صوته يقرأ القرآن بعد الفجر حتى طلوع النهار وتقول إنه يؤنسنا بالقرآن ..

حينما نكبر تختلف الأمور كثيرا .. ذات المظاهر والاحتفاءات شكلا إنما الجوهر لا يمكن أن يكون ثانية .. نعم للأماكن قدسيتها في الأنفس وللمشهدية التي كانت ركيزتها في مخازن العقل حين تغمض الأعين ويبدأ شريط الذكريات بالمرور تعيش الزمن الكان وكأنه الآن وتعبق رائحته تملؤ روحك وأنفك يستنشقه حتى تنتبه فجأة أنك الآن لتعود لواقعك ..

اليوم كما كنت أفعل أحب تنسيق التمر في أطباقه ربما محشو بالحلوى المعجونة واللوز الخزايني وقد يكون هكذا مقدم بشكل جميل في التمرية مع أكواب مميزة مخصصة لرمضان تمتليء بالحليب واللبن الرايب وبعضها بالحليب باللوز حسب الأذواق وكل على ماذا يحب أن ( يحل صيامه ) مع الزلابية والقطائف والكنافة ..

حينما كبرت زاد الأمر جمالا مع حزن يعتري القلب إذ تمنيت لو كانت أمي رحمها الله على قيد الحياة لتشاهد ابنتها وهي أمام ( عدالة الشاهي أو العالة _ كما أهلنا في الغرب ) وإلى الآن أعد قهوة رمضان كما يحبها أبي رحمه الله بالمستكة و الحبهان _ أدواتي هذه عالة الشاي والقهوة مع حلوياتها أجهزها قبل الإفطار بشكل لائق بما يجري لعاب الناظر إليها من الصائمين في البيت وتفوح رائحة الشاي الأخضر بالنعناع وكثيرا ما أرفق بالأكواب طبق صغير ممتلئ بالمكسرات .. أما أطباق الكنافة والقطايف ولقمة القاضي كل يوم صنف وبعض الأيام تختلط كل الأصناف فمع القهوة المرة .. لا أشترك في أنواع الطبخ بل كنت أتركها لأمي قبلا واليوم لأخواتي رغم إتقاني صنوف الأطباق لكنني دائما ألعب دور الأخت الصغرى .. رمضان شهر أتنسمه بدء برجب ثم شعبان وأتنفسه ملء رئتي وروحي حينما نصوم مع العائلة منتصف شهر شعبان .. وألملم كل مليم ( مجازا طبعا فما عادت لدينا ملاليم ولا قروش ) أجمعها كبخيل ولا أفرط فيها كي أشتري لوازم رمضان زينة وبخورا وأطباق تليق وحتى سجادة وملابس الصلاة .. شيء يتغلغلني وكائن آخر يتلبسني فأكون أكثر حيوية وتقربا من الجميع كنت أحب أن أدرس وأعمل في رمضان الآن أحب أن أتحسس مكاني أكثر من قلوب الآخرين بجانبهم ومعهم وقربهم وأقاسمهم كل التفاصيل الرمضانية أهل البيت الذين أعيش بينهم وكذا البيوتات الأخرى التي تعنيني بكل من فيها .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

Tripoli
20°C
+19
+19
+19
+18
+18
+17
+17
+17
+17
+18
+19
+20
+20
+20
+20
+19
+19
+19
+18
+18
+17
+17
+17
+16
الأربعاء
20°C
16°C
+16
+16
+16
+15
+15
+15
+15
+15
+14
+15
+17
+18
+19
+20
+21
+20
+19
+19
+19
+18
+18
+17
+17
+17
الخميس
21°C
14°C
+16
+16
+15
+15
+15
+14
+14
+14
+14
+15
+17
+19
+21
+22
+23
+24
+24
+23
+23
+22
+21
+21
+20
+19
الجمعة
24°C
14°C
+19
+18
+17
+17
+18
+18
+18
+18
+18
+19
+21
+23
+24
+26
+28
+28
+28
+28
+28
+28
+28
+27
+27
+26
+25
+25
+24
+24
+24
+24
+23
+23
+23
+24
+25
+26
+27
+29
+30
+30
+30
+30
+30
+30
+30
+30
+29
+28
+28
+27
+27
+26
+26
+26
+26
+26
+26
+27
+28
+30
+31
+32
+33
+33
+32
+32
+32
+32
+32
+30
+29
+28
+27
+26
+24
+24
+24
+24
+23
+23
+23
+25
+27
+28
+30
+32
+34
+31
+29
+27
+25
+23
+21
+20
+20
+19
+19
+18
+18
+18
+18
+18
+18
+17
+17
+18
+18
+18
+18
+19
+19
+19
+18
+18
+18
+17
+17
+17
+17
+17
+17
+16
+16
+16
+16
+16
+16
+16
+15
+16
+16
+17
+18
+18
+19
+18
+18
+18
+18
+17
+17
+17
+16
+16
+16
+15
+15
+15
+14
+14
+14
+13
+13
+15
+16
+17
+19
+20
+20
+19
+20
+20
+20
+18
+19
+19
+18
+18

حاسبة العملة

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications