تصاعد الجدل في ليبيا بعد تصريحات الإعلامي الاقتصادي الاستقصائي أحمد السنوسي، الذي انتقد عبر صفحته على “فيسبوك” تكلفة صيانة ميدان الشهداء في طرابلس، مؤكدًا أن المشروع كلف 15 مليون دولار أمريكي (حوالي 100 مليون دينار ليبي)، وهو ما اعتبره إهدارًا للمال العام.
وأشار السنوسي إلى أن مساحة الميدان تبلغ 15,000 متر مربع، ما يعني أن تكلفة التبليط وصلت إلى 6,600 دينار للمتر الواحد، أي ما يعادل 1,000 دولار، متسائلًا عن مصادر تمويل المشروع، حيث زعم أن الأموال لم تُصرف من ميزانية التنمية، بل من المؤسسة الوطنية للنفط.
رد الحكومة عبر “تبيان”
جاء رد حكومة الوحدة الوطنية سريعًا عبر منصتها للتحقق “تبيان”، التي نفت صحة ما ورد في منشورات السنوسي، مؤكدة أن المعلومات التي نشرها “مضللة” للرأي العام.
وأكدت “تبيان” أن التكلفة الفعلية للمشروع تقل عن نصف المبلغ المتداول، وفقًا لما راجعته الأجهزة الرقابية، مشيرةً إلى أن المبلغ المذكور يشمل جميع أعمال البنية التحتية، وشبكات الكهرباء والاتصالات، والطرق المحاذية، وهو ما لم يذكره السنوسي في منشوره. كما أوضحت المنصة أن المساحة الفعلية للميدان أكبر من الرقم الذي أوردته المنشورات.
السنوسي يرد متحديًا الحكومة
لم يتأخر رد السنوسي، حيث كتب عبر صفحته الموثقة بالعلامة الزرقاء، والتي يتابعها أكثر من 295 ألف شخص، قائلاً:
لست ناشطًا سياسيًا كما وصفتني الحكومة.
أتحدى أن يكون المشروع معتمدًا وفق مقايسة أو مصادقة من الجهات الرقابية.
أعمال الصرف الصحي نفذتها شركة المياه والصرف الصحي بميزانيتها الخاصة، بعدما رفضت الشركة المنفذة تحمل التكاليف.
أعمال الترصيف تم تحميلها على عقد منفذ في مشروع آخر (ترهونة – صلاح الدين).
أعمال الكهرباء نفذتها الشركة العامة للكهرباء بتمويل ذاتي.
أعمال النافورة نفذتها شركة الاتصالات القابضة دون تحمل المشروع أي نفقات.
لا توجد لجان فنية لاستلام العينات، ولا استلام نهائي أو جداول بأسعار الكميات المعتمدة.
سجال السنوسي والحكومة
الجدير بالذكر أنه في فبراير الماضي أثار السنوسي جدلاً واسعاً خلال “بودكاست خليل” مع الإعلامي خليل الحاسي عن تلقيه عرضاً رفقة مديرة تحرير صحيفة صدى من وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج لتعيينهما مستشارين في وزارته.
السنوسي قال لو قبلنا مثل هذه الوظيفة كيف يمكننا انتقاد الوزارة أو الدولة بعد الآن.
وأكد السنوسي خلال البود كاست أن كل من يحاول أن يشاكس مع المجرمين يقدمون له عروض مغرية ولكنني رفضت كل العروض التي تقدموا بها لي ولو كنت أردت منصب وزير لأعطوني إياه.
وفي يوليو الماضي أفرجت النيابة العامة في ليبيا عن أحمد السنوسي ، بعد توقيفه واحتجازه لمدة ثلاثة أيام من قبل جهاز الأمن الداخلي، دون إعلان رسمي عن سبب التوقيف حينها.
الجهاز وبعد ضغوطات من الرأي العام ومطالبات بإطلاق سراح السنوسي كشف أن سبب إيقاف السنوسي كان نشره وثائق تتعلق بقضايا فساد في وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية.
وقد أثار اعتقاله موجة من الاستنكارات في ليبيا ومن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني، التي طالبت جميعها بإطلاق سراحه فورا.
يأتي هذا السجال وسط تساؤلات متزايدة حول الشفافية في الإنفاق العام والمشاريع الحكومية في ليبيا، حيث تتزايد المطالبات بمزيد من الوضوح حول آليات تمويل المشاريع والتأكد من عدم وجود شبهات فساد أو تضخيم في التكاليف.