رصدت بيانات للمعهد الوطني للأبحاث السياسات الصحية في إسرائيل صورة قاتمة لجهاز الصحة النفسية الذي تتفاقم أزمته منذ “طوفان الأقصى” ، إذ يفكر العديد من المعالجين وعلماء النفس في ترك القطاع الحكومي والانتقال إلى الخاص بسبب الفجوة بين الأجور وعبء العمل.
وتشير استطلاعات جديدة إلى أن معظم العاملين في جهاز الطب النفسي الحكومي بإسرائيل، يعتزمون الاستقالة بسبب أعباء العمل الثقيلة على نظام الصحة النفسية، والارتفاع غير المسبوق بأعداد الإسرائيليين المحتاجين للعلاج، وسط الأجور المنخفضة للمختصين والأطباء، حيث يوشك هذا النظام على الانهيار، بحسب صحيفة “معاريف”.
وأشرف على الاستطلاعات كبير الأطباء النفسيين في صندوق المرضى “مئوحيدت” البروفيسور أراد كوديش، والدكتورة عنبال ياركوني، وشمل أطباء نفسيين وممرضين وعلماء نفس ومختصين اجتماعيين ومعالجين آخرين في مجال الصحة العقلية.
وكُشف النقاب عن هذه الاستطلاعات عشية مؤتمر “نظام الصحة العقلية بإسرائيل” الذي سيعقد، الأربعاء والخميس المقبلين، في البحر الميت.
استغلال الموظفين
ومن بين المشاركين في الاستطلاعات، قال ما يقارب من 60% من العاملين في مجال الصحة النفسية إنهم يفكرون في ترك مكان عملهم في القطاع العام الحكومي. وارتفعت هذه النسبة بين المتخصصين في الطب النفسي للأطفال والشباب لتصل إلى 63.6%، بينما وصلت بين علماء النفس 41.7%، وكانت النسبة 33.3% في صفوف المتخصصين في الطب النفسي للبالغين.
ومن الأسباب الرئيسية الأخرى لذلك، وفق الاستطلاعات، عدم التوازن بين أوقات العمل وأوقات الترفيه والحياة الشخصية، وعبء العمل، ونطاق العمل الإداري المصاحب للعمل العلاجي، والرغبة في العمل من المنزل أيضا. ولكن في قطاعات مثل التمريض والعمل الاجتماعي، فإن الراتب هو السبب الرئيسي لقرار ترك النظام الصحي العام.
وعشية المؤتمر، تم إجراء استطلاع آخر بين 761 مريضا، وأظهرت نتائجه أن نظام الصحة النفسية بإسرائيل يحصل على درجة 3 (على مقياس 1-10)، إذ رأى 72% أنه في حالة سيئة إلى سيئة للغاية من حيث دمج التكنولوجيا والابتكار.
ويقول الدكتور إيتاي غال، في مقال له بصحيفة معاريف، “تظهر صورة مقلقة للغاية فيما يتعلق بشروط وظروف العمل لمقدمي الرعاية الصحية النفسية في الخدمة العامة، حيث تفاقمت أزمة ظروف العمل بعد 7 أكتوبر”.
وأوضح غال، المختص بالصحة النفسية، أن الغالبية العظمى ممن شملتهم الاستطلاعات يشيرون إلى أن هذا عمل “متعب ويؤدي إلى التآكل وغير مجد ومحبط، حيث يتم استغلال الموظفين في النظام الصحي النفسي الذين يعملون أكبر عدد ممكن من الساعات بسبب النقص في الكوادر”.
وأشار إلى أن “الشعور العام هو أن الموظفين بجهاز الصحة النفسية يعجزون عن تقديم الخدمة والعلاجات المناسبة للمراجعين، وما يقومون به بسبب ظروف العمل مجرد إطفاء الحرائق باستمرار بدلا من القيام بعمل كبير ومتعمق”.