الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-23

4:10 مساءً

أهم اللأخبار

2024-11-23 4:10 مساءً

الكتابة فن التكييف النفسي

الكتابة فن التكييف النفسي سعاد الصيد الورفلي

سعاد الصيد الورفلي

حين كتبت في زمن ما مجموعة مترابطة من المقالات التي أردت تصنيفها في كتاب يهتم بشأن العاشقين لهذا الفن، كان كل ما أود قوله كيف نجعل من الكتابة رسالة سامية ومؤسسة لخدمة الأفكار النبيلة والخواطر الرقيقة، وبناء عملية ذوق ترقي بالقارئ والكاتب على حد سواء، والأبعد من ذلك كيف تكون الكتابة حدثا سعيدا، يحول كل اللحظات من حولنا إلى محيط يستغرق كل جزء في حياتنا ليحوله إلى لحظة جميلة .

 إلا أن كثيرا ممن يهتمون بالكتابة وخاصة ممن هم في بداية الطريق الذي انطلقوا منه، أو ممن مارسوه بالفعل ولكن ينقصهم الشيء الكثير؛ فإن (قدراتهم) حين يريدون أن تكون على قدر عال من المهارة الجيدة؛ ستقف حائلا بينهم وبين فعل الكتابة، فالكتابة ليست مجرد إطلاق جميل وكلمات متراصة بعضها مع بعض لتكوِّن أو تنشئ قطعة من الحروف المنضدة والجمل المسكوبة؛ إن الكتابة فن ! هذا الفن يحتاج منا للكثير من :

  1. الاجتهاد
  2. القراءة
  3. ثم القراءة
  4. والمهارات التي تمنحنا وسيلة التدفق .
  5. والثقافة الموسعة في كل مجالات الحياة.
  6. واكتساب فنون الأساليب الجيدة حين نكتب أو نعبر.
  7. والشعور بالامتنان حيال هذا الفن الذي يعد أقوى نعمة لمن يجد أثرها واضحا في نفسه ومحيطه.

فللكتابة أدوات علينا أن نهتم لشأنها، كما مهتم لشأن أي عمل نريد القيام به، فكل إنسان يريد أن يحقق عملا ما، ويجعله متقنا، كان ينبغي عليه أن يتضلع بالمثابرة، والبحث وإعداد العدة لإنجاز هذا العمل.

ومن بين الأدوات التي ذكرها كثيرون من الأوائل ممن سبقونا بقرون طويلة، ويؤكد عليها من بعدهم (اللغة) فأهمية اللغة تجعل منك صاحب قلم منمق وأسلوب عظيم وحظوة بين الناس والقراء الذين يتتبعون أثر الكتاب، ليشبعوا شغف القراءة، فهل ترضى لنفسك أن تقدم لمن يشغف بقراءة عملك عملا مهلهلا ركيكا لا طعم فيه ولا أثر، سوى ما دونه حبر مدادك ليكون متاحا ملبيا رغبتك في أن تكون بين الكثير من الكتّاب؟!

إن عظمة الكتابة وشأنها لا يتوقف عند حد، وما نحن وسط هذا العالم إلا من أثر الأقلام التي تنشر تباعا هنا وهناك في كل الأوساط، فالكتابة رسالة عظيمة لنكون بين الأمم والمجتمعات نعرض فكرنا وأدبنا وثقافتنا وحياتنا وما تجود به القرائح، وما القرائح إلا فعل الذوق الرفيع والقيمة المعنوية التي اعتنى بها شعراء الأمس وغذوها بلغتهم، وطعموها بخيالهم الثري وأفقهم الواسع الذي يندر أن يصل إليه القليل من أقلام العصر في هذا الزمن الذي طغت فيه الآلة وأصبحت تبلد كل قريحة وتجمدها بفعل الاعتماد كثيرا على ما ينتجه الذكاء الاصطناعي، في وقت نحن أحوج فيه للقراءة الحقّة، والكتابة العميقة .

ومتى ما كان الكاتب ملما بعلوم اللغة وأساليبها، وفنون أدائها، مطلعا على كل جديد وقديم، عارفا لأحوال بيئته، ومغازي الكلمات ومضارب الأمثال والمعاني، مدركا للمجتمع والدولة والتاريخ والأدب، فإنه لن يبخل على قلمه بشيء ولن يبخل قلمُه فيتوقف وينضب مداده، بل كلما كانت الثقافة حاضرة والرؤية متمكنة كان الأداء متميزا، والأسلوب واثقا، والعطاء متدفقا.

ومن خلال سلسلة المقالات في كتابي هذا فإنني أضيف الكثير من تجارب السابقين واللاحقين الذين تفننوا في الكتابة، وقدموا للبشرية خير زاد وأغنى مراد، و كذلك كيفية أن تكون كاتبا متميزا محبا لفنك تعطيه وتجود عليه من كل منبع يتشرب منه فكرك ويظهر أثر تلك التغذية مثمرا غدقا ، وكيف أن للكتابة أثرا نفسيا تمنحك وتشعرك بالتكييف النفسي  الذي يسهم كثيرا في تحسين المزاج ومحبة الحياة والشعور بالغبطة، بسبب ما للتعبير من قوة نفسية تضيف للكاتب شيئا من اليقين والثقة والعطاء؛ فيما لو استخدم هذا الفن على وجهه الصحيح ووجهته المرادة وأدواته الأساسية.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة