شهدت الساحة الليبية جدلا واسعا عقب إصدار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة القرار رقم (671) لسنة 2024، الذي يقضي بإنشاء فروع بلدية لبعض البلديات القائمة، وإلحاق بعض البلديات بفروع أخرى، القرار أثار ردود فعل متباينة على الصعيد السياسي والإداري والشعبي، حيث انقسمت الآراء حول أهدافه وآثاره المحتملة على استقرار البلاد ووحدتها الإدارية.
أبرز تفاصيل القرار رقم 671 لسنة 2024
نص القرار على إنشاء فروع بلدية جديدة، إضافة إلى الفروع السابقة، وضم بعضها إلى بلديات قائمة، كما أكد القرار أنه يدخل حيز التنفيذ من تاريخ صدوره، ويلغي كل حكم يخالف أحكامه، أحد أبرز التعديلات التي أثار الجدل، كان ضمّ بلدية تاورغاء كفرع بلدي إلى بلدية مصراتة، إلى جانب فروع أخرى شملت مدن مثل سلوق، غريان، بنغازي، سبها، الزنتان، يفرن، ومسلاتة.
الحكومة الليبية تعتبر قرار الدبيبة محاولة لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى
أصدرت الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد بيان رسمي (رقم 20 لسنة 2024) اعتبرت فيه أن القرار الصادر عن حكومة الوحدة الوطنية يمثل محاولة لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى في الإدارات التابعة لوزارة الحكم المحلي وأكد البيان ما يلي:
عدم شرعية القرارات الصادرة عن حكومة الوحدة الوطنية: وصف البيان حكومة الوحدة الوطنية بأنها منتهية الولاية، مشيرًا إلى أن قراراتها باطلة قانونياً ولا يجوز تنفيذها.
تحذير من مغبة تنفيذ القرار: شددت الحكومة الليبية على منع المؤسسات العامة من التعامل مع القرارات الصادرة عن حكومة الدبيبة، ووصفتها بمحاولات لتعطيل الانتخابات البلدية.
دعوة للمفوضية العليا للانتخابات: طالبت الحكومة المفوضية باتخاذ إجراءات لاستكمال الانتخابات البلدية، وفقاً للهيكلية الإدارية المعتمدة.
مناشدة الجهات القضائية والرقابية: دعت لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لردع الممارسات التي تهدف إلى تقويض الاستقرار والإضرار بالمصلحة العامة.
موقف مدينة تاورغاء
أعلن المجلس المحلي لمدينة تاورغاء رفضه القاطع لقرار ضم المدينة إلى بلدية مصراتة، واعتبره تعدي على حقوق السكان أوضح المجلس أن القرار ينتهك استقلالية تاورغاء، وأشار المجلس إلى أن المدينة تستوفي معايير الاستقلال الإداري، بما في ذلك عدد السكان والجغرافيا والظروف التاريخية، وأكد المجلس أن القرار صدر بعد انتخابات بلدية مصراتة، مما يترتب عليه حرمان سكان تاورغاء من حقهم في المشاركة الانتخابية.
وشدد أهالي تاورغاء على أن مطالبهم تتعدى الاستقلال الإداري لتشمل إعادة الإعمار، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم خلال سنوات النزاع، ودعا الأهالي البعثة الأممية لدعم مطالبهم وضمان تحقيق العدالة الإدارية.
ردود فعل سياسية وشعبية
عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني، وصف القرار بأنه “مشبوه” ومحاولة لإفشال الانتخابات البلدية في تاورغاء، مؤكداً أن ضم المدينة بهذه الطريقة يمثل ظلم واضح ومماطلة في إعادة إعمارها.
وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير، اتهم حكومة الوحدة الوطنية بمحاولة إلغاء بلدية زمزم بعد خسارة قائمتها في الانتخابات، معتبراً أن الهدف الأساسي من القرار هو تعزيز النفوذ السياسي في المناطق التابعة لمصراتة.
المرشح الرئاسي سليمان البيوضي، وصف قرارات الحكومة بسياسة “حافة الهاوية” التي تهدف إلى التصعيد لتحقيق تسويات سياسية، داعياً إلى مواجهة هذا النهج واسترداد الحقوق عبر إصلاحات إدارية تضمن العدالة التنموية.
الجدل حول الأبعاد السياسية والإدارية للقرار
اعتبر العديد من المراقبين أن قرار حكومة الدبيبة بإعادة ترسيم البلديات يحمل أبعادًا سياسية تهدف إلى زيادة نفوذها على حساب توازن السلطات المحلية.
تحقيق مكاسب سياسية: يرى بعض المحللين أن القرار يعكس رغبة الحكومة في السيطرة على مناطق استراتيجية، خاصة تلك التي لها أهمية سياسية أو اقتصادية.
إعاقة الانتخابات المحلية: القرار يتزامن مع الانتخابات البلدية، ما أثار اتهامات بمحاولة تعطيلها، خاصة في المناطق التي لم تجر فيها الانتخابات بعد.
التداعيات المستقبلية للقرار
تعطيل الاستحقاقات الانتخابية: قد يؤدي القرار إلى تأخير الانتخابات البلدية في بعض المناطق، مما يزيد من حالة التوتر السياسي.
تصاعد الخلافات بين الحكومات: استمرار الصراع بين حكومة الوحدة الوطنية والحكومة الليبية قد يفاقم الانقسام الإداري والسياسي في البلاد.
تعميق الأزمات المحلية: القرارات المثيرة للجدل قد تؤثر على استقرار البلديات، وتعرقل جهود إعادة الإعمار وتحسين الخدمات.
يبرز قرار حكومة الوحدة الوطنية رقم 671 كنقطة خلافية جديدة في المشهد الليبي، حيث تتباين الآراء بين كونه خطوة نحو تنظيم الإدارة المحلية أو محاولة لزيادة النفوذ السياسي، في ظل هذه التجاذبات، يبقى تحقيق التوازن بين المصالح المحلية والوطنية ضرورة ملحة لضمان استقرار البلاد.